فصل: نكبة ابن مقلة وخبر الوزارة.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.مسير ابن مقلة إلى الموصل واستقرارها لابن حمدان.

كان ناصر الدولة أبو محمد الحسن بن أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان عاملا على الموصل فجاء عمه أبو العلاء سعيد فضمن الموصل وديار ربيعة سرا وسار إليها فظهر أنه في طلب المال من ابن أخيه وشعر ناصر الدولة بذلك فخرج لتلقيه فخالفه إلى بيته فبعث من قبله واهتم الراضي بذلك وأمر الوزير أبا علي بن مقلة بالمسير إلى الموصل فسار في العساكر من شعبان سنة ثلاث وعشرين فرحل عنها ناصر الدولة ودخل الزوران واتبعه الوزير إلى حمل السن ثم عاد عنها إلى الموصل وأقام في جبايتها وبعث ناصر الدولة إلى بغداد بعشرة آلاف دينار لابن الوزير ليستحث أباه في القدوم فكتب إليه بما أزعجه فسار من الموصل واستخلف عليها علي بن خلف بن طباب وما ترد الديلمي من الساجية ودخل بغداد منتصف شوال وجمع ناصر الدولة ولقي ما ترد الديلمي على نصبين فهزمه إلى الرقة وانحدار منها إلى بغداد ولحقه ابن طباب واستولى ناصر الدولة حمدان على الموصل وكتب في الرضا وضمان البلاد فأجيب وتعذرت عليه.

.نكبة ابن مقلة وخبر الوزارة.

كان الوزير بن مقلة قد بعث سنة ثلاث وعشرين إلى محمد بن رائق بواسط يطالبه بارتفاع أعمال واسط والبصرة وكان قد قطع الجبل فلما جاءه كتاب ابن مقلة كتب إليه جوابه يغالطه وكتب إلى الرضي بالسعي في الوزارة وأنه يقوم بنفقات الدار وأرزاق الجند فجهز الوزير ابنه سنة أربع وعشرين لقصده وورى بالأهواز وأنفد رسوله إلى ابن رائق بهذه التورية يؤنسه بها وباكر القصر لانفاد الرسول فقبض عليه المظفر بن ياقوت والحجرية وكان المظفر قد أطلق من محبسه وأعيد إلى الحجبة فاستحسن الراضي فعلهم واختفى أبو الحسين ابن الوزير وسائر أولاده وحرمه وأصحابه وأشار إلى الحجرية والساجية بوزارة علي بن عيسى فامتنع وسار بأخيه عبد الرحمن فاستوزره الراضي وصادر ابن مقلة ثم عجز عن تمشية الأمور وضاقت عليه الجباية فاستعفى من الوزارة فقبض عليه الراضي وعلى أخيه على ثلاثة أشهر من وزارته واستوزر أبا جعفر محمد بن القاسم الكرخي فصادر علي بن عيسى على مائة ألف دينار ثم عجز عن الوزارة وضاقت الأموال وانقطعت وطمع أهل الأعمال فيما بأيديهم فقطع ابن رائق حمل واسط والبصرة وقطع ابن البريدي حمل الأهواز وأعمالها وانقطع حمل فارس لغلب ابن بويه عليها ولم يبق غير هذه الأعمال ونطاق الدولة قد تضايق إلى الغاية وأهل الدولة مستبدون على الخلافة والأحوال متلاشية فتحير أبو جعفر وكثرت عليه المطالبات وذهبت هيبته فاختفى لثلاثة أشهر ونصف من وزارته واستوزر الراضي مكانه أبا القاسم سليمان بن الحسن فكان حاله مثل حال من قبله في قلة المال ووقوف الحال.

.استيلاء ابن رائق على الخليفة.

ولما رأى الراضي وقوف الحال من الوزراء استدعى أبا بكر محمد بن رائق من واسط وكاتبه بأنه قد أجابه إلى ما عرض من السعي في الوزارة على القيام بالنفقات وأرزاق الجند فسر ابن رائق بذلك وشرع يتجهز للمسير ثم إنفذ إليه الراضي الساجية وقلده إمارة الجيش وجعله أمير الأمراء وفوض إليه الخراج والدواوين والمعادن في جميع البلاد وأمر بالخطبة له على المنابر وانحدر إليه الدواوين والكتاب والحجاب ولما جاءه الساجية قبض عليهم بواسط في ذي الحجة من سنة أربع وعشرين ونهب رجالهم ودوابهم ومتاعهم ليوفر أرزاقهم على الحجرية فاستوحشوا لذلك وخيموا بدار الخلافة وأصعد ابن رائق إلى بغداد وفوض الخليفة إليه أمرهم وأمر الحجرية بتقويض خيامهم والرجوع إلى منازلهم وأبطل الدواوين وصير النظر إليه فلم يكن الوزير ينظر في شيء من الأمور وبقي ابن رائق وكتابه ينظرون في جميع الأموار فبطلت الدواوين وبيوت الأموال من يومئذ وصارت لأمير الأمراء والأموال تحمل إلى خزانته ويتصرف فيها كما يريد ويطلب من الخليفة ما يريد وتغلب أصحاب الأطراف وزال عنهم الطاعة ولم يبق للخليفة إلا بغداد وأعمالها وابن رائق مستبد عليه وأما باقي الأعمال فكانت البصرة في يد ابن رائق وخوزستان والأهواز في يد ابن البريدى وفارس في يد عماد الدولة ابن بويه وكرمان في يد علي بن الياس والري وأصبهان في يد ركن الدولة ابن بويه ووشمكير أخو مرداويج ينازعه في هذه الأعمال والموصل وديار بكر ومضر وربيعة في يد حمدان ومصر والشام في يد ابن طغج والمغرب وأفريقية في يد العبيدين والأندلس في يد عبد الرحمن بن الناصر من ولد عبد الرحمن الداخل وما وراء النهر في يد بني سامان وطبرستان في يد الديلم والبحرين واليمامة في يد أبي الطاهر القرمطي ولم يبق لنا من الأخبار إلا ما يتعلق بالخلافة فقط في نطاقها المتضايق أخيرا وإن كانت مغلبة وهي أخبار ابن رائق والبريدي وأما غير ذلك من الأعمال التي اقتطعت كما ذكرناه فنذكر أخبار منفردة ونسوق المستبدين دولا كما شرطناه أول الكتاب ثم كتب ابن رائق عن الراضي إلى أبي الفضل بن جعفر بن الفرات وكان على الخراج بمصر والشام وظن أنه يوزارته تكون له تلك الجباية فوصل إلى بغداد وولي وزارة الراضي وابن رائق جميعا.